بدأْتَ الطريق في رحلة الحياة في يوم ولادتك، غير أن بداية كتابته كانت من أول يوم بلغت فيه، في ذلك اليوم حقت عليك الكلمة، وتحتم عليك أن تكون واحدا من اثنتين: فريق في الجنة وفريق في السعير...
فحدد وجهتك، إلى أين تريد أن تصير؟ وأين هي النهاية؟ أو ربما أين تكون البداية؟...
من الممكن أن تكون هجرتك لله ورسوله، حينها ستحمل القرآن والسنة في يديك وتمضي، ليكونا هما من يخبرك بما يجب أن تفعل كلما مضيت واعترضتك عوارض الطريق. ومن الممكن أن تكون هجرتك لدنيا تصيبها أو امرأة تتزوجها، فهجرتك إلى ما هاجرت إليه...
غير أنه إذا كانت الدنيا همك، فسيجعل الله فقرك بين عينيك ولن يأتيك من الدنيا إلا ما كتب لك منها، ذلك أن الشهوات كثيرة ولن تستطيع مهما بلغت من قوة أن تدرك من لذاتها جزءا بسيطا منها، فستمضي باحثا عن المزيد ثم المزيد، ولن ينتهي بك الحال إلا إلى الجنون، وذلك جزاء الظالمين...
ستطمح للمال وستجمعه بالحلال والحرام، بالتجارة والرشوة والسرقة. وستسعى للجاه والمنصب فربما درست ثم كذبت ونافقت وافتريت. وستبحث عن النساء (وتبحثين عن الحب) فلن تبالي بماذا تسمع وماذا تشرب وماذا تقول. والمشكلة أن نهايات هذه الطرق موحشة، يكفيك منها قول الله عمن يكنز الذهب والفضة: يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون...
أما إذا حملت الله ورسوله فلن يوقفك ويحيدك عن طريقك إليهما شهوات الدنيا ولو اجتمعت حولك، وماذا من الممكن أن يغريك وأنت تنظر إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر...
ستمر بمن يكذب فلا تأبه، وتشاهد من يجمع المال بالرشوة فلا تكترث، وترى من تتزين لك لتغريك فلا تبالي، إنك تتذوق حلاوة الإيمان ولا ترضى بغيرها بديلا...
ستمرين بمن تتكبر بما عندها فتزدريها، وتمرين بمن ملأت قلبها بالدنيا فتجتنبيها، وتمرين بمن نزعت حجاب العفة والحياء عن روحها فلا تتوقفين، بل تمضين في رحلة الإيمان، إلى الله رب العالمين...
تلك نهاية عرفناها، وهذه نهاية تنتهي بالهجرة التي هاجرنا من أجلها، إلى رسول الله، نلقاه على الحوض يعرفنا من آثار الوضوء، وإلى الله في جنته، أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعدها أبدا، ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون...
0 التعليقات:
إرسال تعليق