قد يكون الجبن او الخوف حالة نفسية او سمه من سمات الشخصية،فهنام حالات الخوف السويه التى جعلها الله مكون من مكونات الكائنات الحيه للحفاظ على حياتها مما يتهددها من اخطار، وهناك حالات الخوف المرضيه او الخواف (الفوبيا). وبغض النظر عن وجهات نظر علماءالنفس حول تحديد ما اذا كان هذا الخوف او الجبن دافع اجتماعي أومكتسب اوحاجة طبيعيةحيث أن بعض علماء النفس كانوا يتحدثون عن دافع الخوف، نجد أن البعض الآخر قد أثبت أنه ليس هناك اضر على الفرد والمجتمع من هذا الخوف او الجبن الذي قد يؤدي الى الفشل، التعب، الألم، وعبادة اصحاب المراكز او السلطة، او مراكز القوة.
وهذا الخوف او الجبن وهو موضوع هذه المقاله المسؤول عن شل قدرات الكثيرين، وتجميد طاقاتهم وكفاءاتهم، وبالتالي عن قدر كبير من التخلف ،إنه الخوف ذلك الشبح الذي يلاحق النفوس حتى إن البعض يخاف من ظله ومن أطياف نومه.
إن هذه الظاهرة المرضية الخطيرة المتفشيةلدي البعض في المجتمع الان لهي المسؤوله عن ظهور النفاق ، و هي التي تفسح المجال للاستبداد،فالمستبد حينما يرى الناس خائفين خاضعين منافقين، يزداد هو قوة في مقابلهم، مع العلم ان قوته ليست ذاتية وإنما تأتي من خنوع الناس وضعفهم أمامه.
إن للتربية السيئة دوراً خطيراً في زرع وتكريس السلبيات والصفات الذميمة في نفس الإنسان ومنها الجبن والنذاله وكثير من الناس الذين يفترسهم شبح الخوف المفرط والمزعج، إنما ابتلوا بهذا المرض الخبيث بسبب سوء التربية والتعليم.
ومما لا شك فيه ان هناك انعكاسات نفسية واجتماعية يتركها أسلوب التعامل الإرهابي حيث يبدو هنا ما يمكن ان نطلق عليه الارهاب الاجتماعي وهو ما نراه من استخدام القهر الشديد ضدهم والقسوه والقوه المفرطة والتدخل الامني الشديد في حياتهم ألامر الذي يترك آثارا مدمره على شخصيات الاطفال والشباب فتزرع في نفوسهم الكراهيه ومشاعر العجز والرغبة في الانتقام وايضا فقدان الثقة بذواتهم، وينمي لديهم إحساس بالحقد الدفين، والرغبة في الانتقام، رداً على ما يعانونه من كبت وضغط ، ومن الآثار السيئة التي يتركها هذا الأسلوب الخاطىء، سيطرة الخوف والإرهاب على نفسية الطفل والشاب، وتكيفهم مع هذه الحالة.
إن الطفل والشاب الذي ينشأ محترما لشخصيتة، ولرأيه ورغباته ووضع اعتبار واهتمام لذلك، سيكبرمحترماً لنفسه، مدافعاً عن رأيه وحقوقه، وبذلك يقاوم ويدافع بشراسه ضد اي أجواء تتعامل معه بطريقة تختلف عن الطريقة التي تربى عليها، أما عندناالآن فعلى العكس من ذلك تماماً، حيث يتربى الاطفال والشباب غالباً في أجواء الخوف والإرهاب الاجتماعي مما يجعله مستقبلاً للاستبداد طوال حياته، ويجعل نفسيته خاضعةلسيطرة الخوف، متربية عليه، ويبدو أن أوضح تفسير لخضوع كثير من الناس للاستبداد والظلم الآن هو تكيف نفوسهم وانسجامها وتعودها على الخضوع للقوة والاستسلام للإرهاب الاجتماعي وافتقاد وجود احساس داخلي بالرفض اواللفظ لتلك الأجواء.
ان الإنسان الذي ينشأ من صغره خاضعاً لإرهاب العائلة، تلاحقه السياط والزجر والشتم عند أي حركة أو تصرف. ثم ينتقل إلى المدرسة حيث لا يقصر بعض المدرسين في مواصلة مسيرة الإرهاب والعنف ضد الطلاب، ويتخرج هذا الشاب من الدراسة ليعمل في دائرة العمل والحياة وهناك لا حدود ولا قوانين تحميه من إرهاب المسؤولين فإذا ما عاش الإنسان الإرهاب في بيته والمدرسة ومحل العمل، فهل سيجد تناقضاً أو يحس اصطداماً مع أجواء الاستبداد العام.
إن الوضع السياسي لأي شعب من الشعوب، إنما هو مجموعة إفرازات وانعكاسات لحالة الشعب في سائر مجالاته الأخرى، وفي طليعتها مجال النشأة التربوية لأبناء ذلك الشعب وينطبق عليه المقوله كما تكونوا يُولى عليكم. في المقابل لو نظرنا إلى أسلوب التربية وطريقة التعامل مع الأطفال والشباب في المجتمعات المتقدمة، لرأينا مدى احترامهم لأولادهم، واهتمامهم برعايةمشاعرهم النفسية.
إن الخوف سلاح يخدم العدو في معركتنا معه فإذا سيطر الخوف عليك قلّت قدرتك على المقاومةفالخوف من أي شيء يحقق انهزامك في داخل نفسك أمام ذلك الشيء، وهل تستطيع الانتصار بنفس منهزمة؟!!ولذا يستعين الأعداء بالمنافقين لبث الخوف في أوساط الجهة الأخرى،التي يريدون الاعتداء عليها وهذا مظهر من مظاهر الحرب النفسية،اما الشجاعة والصمودفهي ليست فضيلة كماليةوإنما هي واجب وتكليف إلهي، والجبناءالانذال الذين يسقطون ويتهاوون عند حاجز الخوف، لا ينالهم عار الدنيا فقط، وإنما هم معرضون لنار الآخرة، بينما يبشر الله الصابرين أمام الأخطار والمشاكل، بسبب رؤيتهم وبصيرنهم للحياة، التي تتلخص في قولهم إنا لله وإنا إليه راجعون ، هؤلاء هم الصابرون الصامدون عليهم صلوات الله ورحمته وهم المهتدون،والشجاع المؤمن الذي يتجاوز حاجز الخوف، تغمره لذة أعذب من لذة الانتصار، إنها لذة النجاح في الامتحان الإلهي والفلاح في الدارين.
ان انتشار الخوف نوع من الاعاقة النفسية التي نعيشها والتي تؤثر على توقف النمو النفسي لأمة كاملة عند مراحل تاريخية موغلة في القدم هي التي حكمت على كل مشاريع النهضة بالفشل وقد تحكم على الانتفاضات الشعبية بالتحول الى حروب أهلية عنوانها الإبادات الجماعية.
كيف يمكن لأمة ان تبدع في ظل مشاعر القهر والخوف فيما ندر أن تكون غير كتلة من الأرقام التي تؤشر على عدد السكان وعدد القتلى وعدد الجياع وعدد المنفيين والمشردين وعدد الأميين وعدد المعاقين والمساجين والمعتقليين .
وكيف يمكن لأمة يسود فيها الجهل والاميةو لم تحسم بعد في الأهلية العقلية لنصف سكانها من النساء أن تكون شيئا آخر غير موضوع للنزاع بين باقي الأمم حول الخيرات والثروات التي يتمدد فوقها حفنة من الناهبين ،السارقيين، والآفاقين مدعيي البطولة والجهاد و المريض وجل مواطنينها هو اللهث وراء لقمة العيش؟
أتساءل كيف لشعوب تستورد كل شيء حتى الخبز الذي تأكله وتتبجح على بقية الشعوب بأنها هي التي صدرت لها الحضارة في زمن توقف عنده نموها النفسي والعقلى؟
ان أقسى ما يمكن أن يحدث لنا بعد أن تنتهي هذه الفوضى العارمة هو ان يأكل كل منا الآخر في ثورة الجياع !!
0 التعليقات:
إرسال تعليق